لقد قالها الرئيس سعد الحريري ذات يوم "أنا أب الطائفة السنية"، لاريب أن هذا الشعار خالٍ من المضمون الجدي والفعلي، لكن كان له مردود شعبوي، في ضوء الصراعات والاحتكاكات المذهبية التي إندلعت في المنطقة، أثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005. وليس خافياً على أحد أنه بعد هزيمة العدو الإسرائيلي في لبنان في عدوان تموز 2006، والتأييد الكبير الذي ناله حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله، في مختلف الدول العربية والاسلامية، ورفع صور سيد المقاومة في أهم الصروح الإسلامية السنية، كجامعة الأزهر، على سبيل المثال لا الحصر.
إن هذا التأييد العربي والإسلامي الواسع للمقاومة في لبنان، أحيا لدى شعوب الدول المذكورة، الأمل بالنصر النهائي على الكيان المغتصب، ما أغضب الولايات المتحدة، والأنظمة العربية، خصوصاً دول الخليج، التي تواطأت مع العدو في حربه على لبنان، عندها وضعوا نصب أعينهم محاولة تشويه صورة المقاومة وسيدها، لدى الشعوب المذكورة آنفا، فأغدقوا لهذه الغاية المال الذي بلغ 500 مليون دولار، بحسب شهادة السفير الأميركي في لبنان جيفري فلتمان أمام الكونغرس، والأخطر من ذلك كان، تجنيد التكفيريين، وإثارة النعرات وتسعير الخطب المذهبية، التي نال لبنان، وتحديداً منطقة الشمال الحصة الأكبر من لظى تلك المؤامرات، التي حيكت لتمزيق النسيج الاجتماعي للعالمين العربي والاسلامي. وكان أسوأ ما شهده لبنان الشمالي من حوادث، هو: إستقدام تنظيم "فتح الاسلام" بقيادة شاكر العبسي الى مخيم نهر البادر في ساحل عكار في أواخر العام 2006، ثم ما تبع ذلك من جولات اشتباكات بين أبناء طرابلس في منطقتي باب التبانة وجبل محسن، اللتين تشكلان أكبر حزام فقر وبؤس، ليس في لبنان فحسب، بل على ساحل المتوسط. وبهديهي أن وجود الفقر والجهل في أي منطقة، يجعلانها مرتعاً خصباً للتكفير والإرهاب، فدفعت الفيحاء وأبناؤها ولايزالون أثماناً باهظة، جراء حوادث "البارد" و"التبانة – الجبل"، الذي انخرط بعضهم فيها، نتيجة الشحن المذهبي والعوّز.
وفي سبيل تأجيج الصراع في حينه، سعى القيمون على هذا "المشروع"، إلى تجنيد أكبر عدد ممكن ممن يجيدون "صراع المحاور والأزقة"، وكان في طليعتهم قائد "جند الله" الشيخ الموقوف كنعان ناجي، الذي أدى دوراً أساسياً في حوادث "محسن- التبانة"، برعاية من قوى الأمر الواقع آنذاك.
ثم غداة التسوية التي انتجت حكومة تمام سلام في شباط 2014، وإسناد وزارة العدل الى راعي أمراء المحاور في طرابلس اللواء أشرف ريفي، تم زج غالبية هؤلاء "الأمراء" في السجون. الأمر الذي ضرب الثقة بين المجموعات المسلحة ورعاتها، وفي مقدمهم ناجي، الذي ابتعد الى حدٍ كبيرٍ عن اصطفافه السابق، ولم ينفذ اي مهمة أمنية منذ نحو خمسة أعوام، ولا دخل له أيضا في العملية الارهابية التي نفذها عبد الرحمن المبسوط عشية عيد الفطر الفائت، بحسب تأكيد مصادر عليمة.
اذا لماذ تم توقيف ناجي في الأيام الفائتة؟
هنا، تشير المصادر عينها، الى أن "أمير جند الله" خرج من تحت عباءة الجهاز الأمني، الراعي السابق لناجي، بالتالي لم يعد يمتثل لأوامر هذا الجهاز، بل بات أي ناجي، مزعجاً لرعاته السابقين، نتيجة أدائه الحيادي الأخير، وتواصله مع شخصيات قريبة من حزب الله، خصوصاً أن أمير جند الله، يملك خزانا من المعلومات الأمنية، عندها تم رفع الغطاء السياسي- الأمني عنه واقتيد الى السجن. وتؤكد المصادر أن ناجي راهناً مثله مثل "الإسلاميين" السابقين، يشكل مادة دسمة للاستثمار السياسي، بالتالي استغلال ملفه وسواه في "المناسبات الشعبوية"، والاستحقاقات الانتخابية، وليس لدى "أب السنة" وتياره رغبة في إطلاق أمير جند الله في المدى المنظور.
وتختم المصادر بالقول: "إن ملف الإسلاميين، بات أشبه ببقرة حلوب، يستخدم غب الطلب، والدليل الى ذلك أنه لم يتم حتى اليوم محاكمة المتورطين بحدود دنيا في ملف الارهاب، كالذين قاموا باتصالات مع التكفريين، لا أكثر".